حياة الرهبنة و الشركة مع الله فصل مضيء ولامع في تاريخ الكنيسة.. بدأت في حقبة الإمبراطورية الرومانية حيث عصور الأضطهاد، وصمدت قرون عديدة ومازالت مستمرة إلى يومنا هذا، بدأت في مصر وانتقلت إلى أقاصي الأرض و تُمثل الرهبنة القبطية فصل مضيء ولامع في تاريخ الكنيسة المرقسية، .
فلسفة روحية خاصة حياة الرهبنة
و لكنها في المسيحية نمت بشكل مختلف حيث روتها فلسفة روحية خاصة مستندة إلى التعاليم المسيحية وقطعت بذلك شوطًا كبيرًا وتركت أثارًا بارزة في الفكر المسيحي، ويسلط موقعنا خلال هذه السطور على هذا المسلك من الحياة وفكرة الرهبنة أو حياة التصوف بشكل عام ظهرت في الحضارات القديمة ومنتشرة بين أديان شرقية عديدة؛ .
وإذا رجعنا إلى الأصل باللغة القبطية سنجد كلمة “موناخوس” وتعني الوحيد أو المتوحد وهو مفهوم وصفة أدق من السابقة وتأتي الرهبنة في اللغة العربية وهذا المفهوم لا يعبر عن حال طبيعة الرهبنة القبطية البعيدة عن الخوف و من فعل “رَهِبَ” أي خاف الشيء كما عُرفت في لسان العرب.
حياة الرهبنة اعتزال كافة الشهوات
والرهبنة بشكل عام تُعد نمط حياة ودرب يسلكه المؤمن بغاية الوصول نحو حياة الشركة والعشرة مع الله عن طريق اعتزال كافة الشهوات الحسية والملذات اللحظية و الدكتور رءوف حبيب يعرف حياة الرهبنة بقصد التبتل والعبادة مع اختيار الفقر التطوعي” من الناحية الاصطلاحية على أنها “الزهد والتنسك و الانعزال و الانفراد .
وانما الرهبان رأوا أن الوصول السعادة ليس في هذا العالم، واتخذوا درب الرهبنة القائم على الحياة البتولية وحياة الفقر الاختياري والصلاة والأصوام الإقطاعية المستمرة، كمرحلة استعدادية وتمهيدية لنعيم الآخرة حيث يكون هناك السعادة الحقيقة كما يقول القديس أغسطين والرهبنة في المسيحية ليست اجبارية او واجبة بال اختيارية يختارها المسيحي كمسلك في الحياة، ولم يذكر أي شيء على لسان السيد المسيح في الإنجيل ما يُفيد اعتزال العالم كليًا؛ ولكن كانت دعوته واضحة من ناحية اعتزال الملذات الدنيوية الفانية من ناحية الجوهر، .
من هنا انطلقت حياة الرهبنة
في القرن الثالث الميلادي حيث ترك العالم وقصد جبال الصحراء الشرقية وظل نحو سبعة وتسعين عامًا وهناك أيضًا محاولة الأنبا أنطونيوس الكبير، ويسبقهما محاولة نسكية قام بها القديس فرونتينوس (138م: 161م) و قد بدأت الرهبنة القبطية في مصر كعزلة فردية مثل محاولة الأنبا بولا (342-238) ، .